احدث المواضيع

آخر الأخبار

هل يكون الابتلاء على قدر الإيمان؟ - كيف يعرف المؤمن عند البلاء؟

 الإبتلاء على قدر الإيمان

     لماذا ابتلاك الله؟

  • الحمد لله الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء، والوارث لما في الأرض وما في السماء سبحانه وتعالى كل شيئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون، وأصلي وأسلم على من نصح الأمة وكشف الله به الغمة، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ورث البشرية علما وهداية وأنار لها سبيلها إلى ربها وخالقها وهداها إلى صراط الله المستقيم، فاللهم اجزه عنا خير الجزاء، أما بعد .. أعزائي زوار الموقع السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موضوع مقالنا اليوم عن الابتلاء.

ما الفرق بين الابتلاء والعقوبة ؟ 

وهل الابتلاء بقدر إيمان المرء حقًا ؟

كيف يعرف الإنسان إذا ما ابتلي بمرض أو بلاء سيئ بالنفس أو الأهل أو الأموال، أن هذا الابتلاء امتحان أو غضب من عند الله سبحانه وتعالى، إن الشدائد والابتلاءات والفتن، والامتحانات والمحن لا يخلو منها أحد، فهي إما أن تكون عامة  على الأمة، وإما أن تكون خاصة في بعض الأفراد، وفي كل الأحوال على الإنسان أن يُوكل أمره إلى الله سبحانه وتعالى، فيا أصحاب الشدائد والابتلاءات، إن الضيق والابتلاء قد يختلف من إنسان لآخر وذلك بحسب إيمان العبد وقوته، فلا تيأسوا فإن فرج الله آت، وكل ما هو آت قريب.

ما الفرق بين العقوبة والمصيبة؟

العقوبة

قد يتعرض الإنسان في الحياة ببعض المحن والشدائد، قد تأخذ مسميات الابتلاء والعقوبة عند صاحبه، إلى أن ثمة فرق بين الابتلاء والعقوبة، ونعلم جميعًا بأن كل عقوبة بذنب وليس كل مصيبة بذنب، ويُشترط للعقوبة أن تكون جزاءً على ما مضى أي بذنب ماضي بخلاف المصيبة فلا يُشترط لها ذلك، فالموت مصيبة وكل نفس ذائقة الموت، كما أن العقوبة خاصة بالمكلفين أي البالغين وقد تكون العقوبة لتكفير السيئات؛ كما في قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أصاب المسلم من هم ولا غم، ولا نصب ولا وصب، ولا حزن ولا أذى، إلا كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة يشاكها» وقوله صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يصب منه» . وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي، وعدم المبادرة  للتوبة؛ كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال : «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة» خرجه الترمذي وحسنه.


 المصيبة

فقد يُصاب بها غير المكلفين كالأطفال، وقد نرى أطفالًا في عمر الزهور يعانون من أمراض مزمنة وأمراض خبيثة، أو قد يموتوا وهم صغار، وهذا ليس من باب العقاب في شيئ وإنما من باب الابتلاء والاعتبار: " فاعتبروا يا أولي الأبصار "، ومما يدل على أن هذا ليس من باب العقوبة، أن الله سبحانه وتعالى لا يُعاقب أنبياءه ورسله الكرام، مع أنهم من أشد الناس بلاءً، وذلك رفعا في درجاتهم وتعظيمًا لشأنهم وليكونوا قدوة نقتدي بهداهم في الصبر والاحتساب، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً، فالمصيبة إذا لم تكن عقوبة تحتاج إلى الاستعانة بالله والاستغفار والتسابيح، والصبر والتقوى، والرضا وما إلى  ذلك من أمور، أما العقوبة فتحتاج بالإضافة إلى ما سبق إلى التوبة والاستغفار والاستقامة.


علامات نفرق بها بين العقوبة والابتلاء

 ومن العلامات المميزة للتفريق بين العقوبة والابتلاء وذلك بالنظر إلى حال العبد من المصيبةعلامات الابتلاء على وجه المبتلى عند العقوبة: عدم الصبر عند وجود البلاء، والجزع والشكوى إلى الخلق وذلك دون جدوى، فلا مفر من الله  إلا إليه، ولا ملجأ من الله إلا إليه " حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " وأما علامات الابتلاء تكفيرا وتمحيصا للخطيئات نجد، وجود الصبر الجميل من غير شكوى، ولا جزع  ولا ضجر، وكثرة التضرع إلى الله ( إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ) ولا تجد ثقل في أداء الأوامر والطاعات لهذا المبتلى، لأن الابتلاء هنا لرفع الدرجات، وتعظيم الشأنفكما نعلم أن الإيمان قول وعمل وإلتزام وسلوك، ومن أهم أنواع الإيمان الرضا بالمقسوم  والتسليم بقضاء الله إذا ابتلى المؤمن بأي لون من ألوان الابتلاء، لأن الدنيا لا تدوم على وتيرة واحدة بل لابد أن تتخللها بعض الإختبارات ليمحص الذين آمنوا، فالابتلاء بقدر إيمان المرء وكلما زاد إيمان المرء زاد بلاؤه، فالله جلت قدرته يبتلي من عباده ما يشاء بأي نوع من أنواع الابتلاء.

هل الابتلاء امتحان لإهل الإيمان؟

 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35]. وقوله أيضًا سبحانه وتعالى عما يصفون: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الذين صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) صدق الله العظيم.

قد جعل الله سبحانه وتعالى الابتلاء امتحانًا لأهل الإيمان يميز به الصادق من الكذاب الأشر وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) آل عمران الآية 179أي ما كان في حكمة الله أن يترك المؤمنين على ما أنتم عليه من الاختلاط وعدم التميز حتى يميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب. وعلى المؤمن أن يصبر ويسلم بأمر الله وقضائه خيرًا كان أو شرًا، وهذا التسليم أحد أركان الإيمان، وأن يبصر الرحمة من خلال الابتلاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم" إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط ".

فالإنسان إذا ابتلى بما لا يرضاه بأن يحرمه الله من الولد، أو يصيبه المرض، أو الابتلاء بالفقر فلا يعني ذلك أنه تعالى ساخط على ذلك العبد المبتلى، بل قد يكون ذلك لتكفير ومحو الذنوب التي لا ينفك عنها الإنسان غالبًا فعلى المبتلي أن يراجع حاله مع الله ومع العباد، كما أن الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء، وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم، وإعلاء ذكرهم، ومضاعفة حسناتهم، كما يفعل الله بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، والصالحين من عباده. روي عن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه قال: قلتيا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ « قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه وان كان في دينه رقة ابتلاه الله على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة » ومعنى الأمثل فالأمثل أي الادنى إيمانًا فالادنى.

المعونة على قدر التكاليف

لذلك فالمؤمن ينظر إلى الابتلاء على أنه نعمة ورحمة من الله، فالله يبتليهم ليطهرهم وينقيهم وأن الله إذا أحب عبدًا اجتباه وأن رضي اصطفاه، ودائمًا المعونة من الله تأتي على قدر المؤنة، وإن الصبر يأتي يأتي من الله على قدر البلاء . بمعنى أن المعونة والمساعدة تأتيك من الله على قدر تكاليف نفقتك وحاجتك إليها، فمثًلا يأتي الرزق بقدر احتياجك إليه، ومن نوى أن يعمل عملًا صالحًا فإن الله يعطيه الأجر بقدر نيته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المعونة تأتي من الله على قدر المؤنة، وإن الصبر يأتي من الله على قدر البلاء "  رواه البزار، وحسنه الألباني. " لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا " فسبحان من لطفه يجري وعبده لا يدري.


وفي الختام نسأل الله أن يهدينا إلى سبيل الرشاد، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا رب العالمين اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا يا ربنا فيما اعطيت، وقنا واصرف عنا برحمتك شر ما قضيت ما قضيت، فإنك سبحانك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك وإنه لا يعز من عاديت ولا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت، أنت القوي ونحن الضعفاء إليك أنت العزيز ونحن الأذلاء بين يديك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، اللهم اعصمنا من شر الفتن، وعافنا من جميع المحن واصلح منا ما ظهر وما بطن، اللهم اصلح ما فسد منا، اللهم اصلح من فسد منا، اللهم رد شاردنا إلينا، ونقنا من جميع الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وثبتنا على لا إله إلا الله محمدًا رسول الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


ليست هناك تعليقات

عزيزي الزائر .... إذا أعجبك الموضوع لا تبخل علينا بمشاركته عبر أزرار المشاركة الموجودة بالأسفل، ولا تنس أن تترك لنا تعليقا لتبين لنا انطباعك عن الموضوع ومدى استفادتك منه.