الفقه الجنائي في الإسلام: المعهد العالي للدراسات الإسلامية - ما مقدار الدية في الإسلام؟
فقه الجنايات
الفقه الجنائي في الإسلام
- في هذا المقال سنتناول ملخص مادة الفقه الجنائي المقررة على طلبة الدراسات العُليا بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية الفرقة الأولى .. وكتاب الفقه الجنائي مقُسم إلى أربعة أقسام:
- مدخل عام في دراسة مصطلحات علمية
- الجنايات
- الحدود
- الجهاد.
ما هو تعريف الشريعة؟
تعريف الشريعة في اللغة
تعريف الشريعة في الاصطلاح
- الأحكام الشرعية التي سنها الله سبحانه وتعالى لجميع عباده بطريق الوحي على لسان رسوله مُحمد صلى الله عليه وسلم.
ما هو تعريف الفقه؟
- الفقه في اللغة ويراد به العلم والفهم.
- أما الفقه في الاصطلاح هو :
- الأحكام الشرعية العملية المأخوذة من أدلتها التفصيلية، والمراد بالأحكام الشرعية العملية خطابات الشارع المُتعلقة بأفعال العباد من فعلٍ أو ترك.
ما هو التشريع؟
- التشريع هو سن القوانين التي تُنظم حياة الناس ومعاملاتهم في هذه الحياة، ويشمل التشريعات الإلهية والوضعية.
التشريع العقابي في مصر
- التشريع العقابي في مصر بدأ من بدء دخول الإسلام، والتشريع العقابي مهمته حفظ المصالح الضرورية للأفراد مثل القتل وقطع الأطراف والاعتداء على المال والعقل والنسل والدين، والغرض من العقوبة في التشريع الجنائي الإسلامي ثلاثة هم:
- الردع والزجر
- تحقيق العدالة
- تهذيب الجاني وصلاحه.
- ويخرج الانتقام والتشفي من أغراض العقوبة في الشريعة لوجوب التساوي بين الجريمة والعقوبة، حيث منعت الشريعة القسوة في العقاب، أو التمثيل بالجاني أو ضربه في مناطق تؤدي لوفاته.
- كما راعت الشريعة الإسلامية مبدأ شرعية الجريمة وشرعية العقوبة، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، كما قسم الشارع الوضعي العقوبات في إحدى مواد قانون العقوبات المصري إلى جنايات وجنح ومخالفات.
ما هو تعريف الجنايات؟
- هي الجرائم المُعاقب عليها بالعقوبات الآتية:
- الإعدام
- الأشغال الشاقة المؤبدة
- الأشغال الشاقة المؤقتة
- السجن.
تعريف الجنح
- هي الجرائم المُعاقب عليها بالحبس أو الغرامة.
ما هي المخالفات؟
- هي الجرائم المُعاقب عليها بالغرامة.
ما هي مصادر التشريع الإسلامي؟
مصادر التشريع العقابي الإسلامي
- وهو إلحاق أمر غير منصوص على حكمه بأمر منصوص لإشتراكهما في علة الحكم الشرعي، كما في قياس النبيذ وجميع المُسكرات والمخدرات على الخمر في الحُرمة، ومن ثم تأخذ نفس العقوبة.
- وهو الحكم في مسألة خلاف ما يقتضيه القياس، كما في الضرب الذي يؤدي إلى شلل اليد مثلاً، فالقياس يقتضي شلل يد الجاني قصاصاً، ولكن عُدِلَ عنه إلى التعزيز والدِية استحساناً لعدم التحقق من المساواة بين الجريمة والعقوبة.
- هي ما جلبت منفعة ودفعت مضرة غير مفيدة بنص شرعي من حيث الفعل أو الترك، ومنها جمع القرآن في مصحف واحد، والعفو من القصاص إلى التعزيز في من قتل رجلاً وجده في فاحشة مُبينة مع امرأته.
- كما في تحريم النظر على عورة الأجنبية لأنه يؤدي إلى الفاحشة.
- وهو ما اعتبره الناس في معاملاتهم واستقامت عليه أمورهم بدون تعارض مع نص شرعي، ويشمل الزراعة والصناعة والتجارة والبيع، وأمور الزواج من مهر وشبكة وزفاف.
ما هي مصادر التشريع الوضعي؟
مصادر التشريع العقابي الوضعي
القوانين
- وهي التشريعات التي تُصدرها السُلطة التشريعية.
القرارات بقوانين
- وهي التي يصدرها رئيس الحمهورية، وتكون لها قوة القانون.
اللوائح والقرارات الإدارية
- وهي ما تصدر من السلطة التنفيذية لتنفيذ ما تنص عليه القوانين أو القرارات لقوانين.
التشريعات الاستثنائية في حالة الطوارئ
- ويتعين أن تكون في الحدود المنصوص عليها في قانون الطوارئ.
سريان التشريع الجنائي
- سريان التشريع الجنائي الإسلامي من حيث الزمان والمكان والأشخاص، لا يسري على الماضي إلا ما كان في صالح المتهم، كما في اللعان والظهار أيام الجاهلية، ومنها قصة أوس بن الصامت.
- التشريع العقابي الوضعي النافذ وقت ارتكاب الجريمة هو التشريع الواجب التطبيق وأن التشريع العقابي لا يسري على الماضي، وبذلك فإن الدستور والقانون يقرر ما تُقره الشريعة الإسلامية.
الجريمة في الشريعة الإسلامية
تعريف الجريمة في اللغة
- هي الذنب واقتراف السيئة والمعصية.
تعريف الجريمة في الشرع
- هي محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزيز.
أنواع وأقسام الجريمة
تنقسم الجريمة إلى:
- جرائم توجب عقوبة حقاً لله تعالى، وتشمل عقوبة الحد والحرمان من الميراث.
- جرائم توجب عقوبة حقا للأفراد وتشمل القصاص.
- جرائم توجب عقوبة حقا مشتركا وتشمل التعازيز الشرعية.
أنواع الجريمة
- النوع الأول : جرائم الحدود، وهي الجرائم المعاقب عليها بحد من الله سبحانه وتعالى، ومعنى أنها حق لله أي عقوبتها لا تقبل الإسقاط لا من الأفراد ولا من الجماعة، وهي عبارة عن سبع جرائم هم : القتل، الزنا، القذف، شرب الخمر، الحرابة، البغي، الردة.
- النوع الثاني : جرائم القصاص، وهي الجرائم التي يُعاقب عليها بقصاص أو دِية، وكل من القصاص والدية عقوبة مُقدرة حقا للأفراد، ومن جرائم القصاص والدية خمس هم : القتل العمد، القتل شبه العمد، القتل الخطأ، الجناية على ما دون النفس عمدا، الجناية على ما دون النفس خطأ.
- النوع الثالث : جرائم التعازيز، وهي عقوبة غير محددة سلفا للجريمة، والعقوبة التعزيزية تبدأ بأخفها كالنصح والإرشاد وتنتهي بأشدها كالحبس والجلد.
القصاص في الإسلام
ما هو تعريف القصاص؟
- هو عقوبة مُقدرة ومحددة جزاء على جرائم بعينيها ولشخصٍ بذاته، أو لأشخاص يجب تنفيذها لما فيها من المساواة بين الجريمة والعقوبة.
تعريف الحدود
- هي عقوبة محددة على جريمة وقعت، ولكن كان تحديدها حقا لله تعالى، ولا تقبل الإسقاط لا من الأفراد ولا من الجماعة.
تعريف الجناية
- ما يوجب حداً أو قصاصاً أو تعزيزاً، ولكن الفقهاء خصصوا الجناية بما حل بالنفس فقط، والجناية لغة هي اسم لما يُجنيه المرء من شر وما اكتسبه من إثم.
ما هي أركان الجريمة والجناية؟
- لا تتحقق الجريمة أو الجناية إلا إذا توافرت لها ثلاث أركان، الركن الأول : النص الصريح على التحريم، أي لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص صريح، أما الركن الثاني : الفعل المادي للجريمة أو الجناية، الركن المادي للجريمة وهو الجانب المادي الملموس وليس الجانب الغيبي (الغير مرئي)، والركن الثالث : المسؤولية الجنائية، وهي التكليف، ولا تتحقق إلا مع البالغ العاقل الملتزم بالأحكام الشرعية.
تقسيم العقوبة في الشريعة
العقوبة التي تجب حقاً لله
أولاً: من حيث الجزاء
- وتشمل الحد والتعزيز والكفارة والحرمان من الميراث، إلا أن الحد والتعزيز عقوبة بدنية والكفارة والحرمان من الميراث عقوبة مادية ومالية.
ثانياً: من حيث المميزات
- لا يجري فيها عفو ولا صلح ولا إبراء
- لا يجري فيها التوريث لأن العقوبة شخصية
- لا تستوفي إلا بواسطة الإمام لتنفيذ الأحكام
- العقوبة التي تجب حقا للأفراد
أولاً: من حيث الجزاء
- وتشمل القصاص بمعناه الشرعي الخاص والتعزيز.
- يجري فيها العفو والصلح والإبراء
- يجري فيها التوارث لورثة المجني عليه.
أهمية تقسيم العقوبة في الشريعة
- أهمية تقسيم العقوبة في الشريعة الإسلامية حسب نوع الحق الذي تحميه .. هل هو حقٌ لله أم حقٌ للعبد، فإذا كان المُراد حماية حق الله الخالص فالعقوبة المقررة حدية، وإذا كان المُراد حماية حق العبد الخالص كانت العقوبة المقررة شرعا هي القصاص.
القتل الموجب للقصاص
- يُشترط في القتل الذي بوجب القصاص في الشريعة الإسلامية أن يكون عمدا مع سبق الإصرار، وأن يكون بآلة تقتل، وأن يكون الجاني عاقل بالغ وعالماً بالعقوبة، والعمدية تُعرف بالقصد وهو نية القتل والعزم عليه مُسبقا مع الإصرار عليه، ويستحق القاتب عقوبة القصاص حتى لو أخطأ في الشخص المراد قتله، أي أن يكون المقتول معصوم الدم، أما إذا كان الخطأ في القصد نفسه كمن قصد صيداً فأصاب إنساناً فإنه قتل خطأ . اذن أركان الجريمة الموجبة للقصاص في حالة القتل ...
- تعمد القتل بالمباشرة وهو أن يباشر القاتل إزهاق الروح بنفسه كما لو طعنه بسكين أو مسدس فمات.
- القتل بسبب وهو تعمد القتل بالسبب، أي القتل بآلة غير مباشرة من الجاني كالسم، فإن ذلك عند جمهور الفقهاء قتل عمد يوجب القصاص، لأن الآلة قاتلة بنفسها، وتتحقق الجناية السلبية أيضاً في القصاص عند الجمهور في الحبس مع منع الطعام والشراب لمدة يموت فيها المحبوس، وكذلك الجمع بين المجني عليه وحيوان مفترس كأسد مثلاً ولا مجال للهروب أو النجاة . الإمام أبو حنيفة لا يوجب القصاص في القتل بسبب وإنما يوجب التعزيز فقط، ولا يوجب الدية على القاتل.
تقسيم جنايات القتل عند جمهور الفقهاء
تُقسم جنايات القتل إلى ثلاثة أنواع:
1) القتل العمد
- وهو أن يقصد الجاني من يعلمه فيقتله سواء باشر القتل بنفسه أو بالسبب، ويترتب عليه عقوبتان، العقوبة الأولى : عقوبة في الآخرة وهي غضب الله عليه والطرد من رحمته وعذاب جهنم إن لم يُعاقي على جريمته في الدنيا، أما العقوبة الثانية : وهي إما عقوبة أصلية أو بدلية، العقوبة الأصلية وهي القصاص، أما العقوبة البدلية فتجب إن عفي أولياء الدم عن القصاص أو تعذر القصاص لشُبهة كأن يكون القاتل غير مكلف (صبي أو مجنون) وهي نوعان : 1) الدية .. وتجب على القاتل دون سواه وغير مؤجلة 2) الكفارة .. وذلك إن عفي أولياء الدم من القصاص إلى الدية أو كان العفو بلا بدل مطلقا، كما أنه لا خلاف بين الفقهاء في حرمان القاتل من الميراث استنادا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم "لا ميراث لقاتل"، إذا كان الدافع إلى القتل استعجال الوصول إلى المال.
2) القتل شبه العمد
- وهو أن يقتل إنساناً معصوم الدم فيقتله بجناية لا تقتل غالباً، أي أن يقتل شخصاً في غير مقتل بعصا صغيرة أو بسوط أو لكزة بيده .. فالضرب مقصود والقتل غير مقصود لذلك سُمي شبه العمد، ويترتب عليه عقوبتان، أصلية وتبعية، العقوبة الأصلية وهي الدية بلا خلاف، ويرى جمهور فقهاء الصحابة والتابعين وأصحاب المذاهب الفقهية أن عقوبة القتل شبه العمد لا قصاص فيها، وإنما فيها عقوبة مالية وتعزيزية، العقوبة التبعية وهي الحرمان من الميراث، وهذا رأي الشافعية والحنابلة والحنيفية، أما رأي المالكية فهو ما أخذ به قانون المواريث المصري وهو أنه لا يُمنع من الميراث.
3) القتل الخطأ
- القتل الخطأ كمن قصد صيداً فأصاب إنسان فقتله، ولا خلاف بين الفقهاء في أن الكفارة تجب على القتل الخطأ مع الدية.
ما مقدار الدية في الإسلام؟
- الدية جزء من الشريعة الإسلامية عوضاً عن القتل الخطأ ومنصوص عليها، وقيمتها 4 كيلو وربع من الذهب عيار 21 أي من الذهب الوسط، ويصح دفع الدية من الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة، والأصل في هذه الأموال مائة من الإبل، كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وألف دينار على أهل الذهب، ومقدار الدينار 4.25 جرام، أي أن الألف دينار = 4250 جرام من الذهب حسب سعر اليوم، اذن الدية = 4250 جرام ذهب مضروباً في سعر اليوم . إذا عاود الشخص القتل مرة أخرى بعد العفو عنه إلى بدل، أو إلى عفو مُطلق فهو في نظر الفقهاء عائد في جريمته، ويجب الحكم عليه بالقصاص، أي لا عفو فيه لإعتباره من المفسدين في الأرض.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، إلى هنا انتهى ملخص مادة التشريع الجنائي في الإسلام بحسب المنهج المقرر مع التوصية بمراجعة كتاب المادة، وإن أعجبك المقال تحدث عنا بمشاركته لتعم الفائدة، وإن لم يعجبك فتحدث إلينا، مع أطيب الأمنيات بالنجاح والتوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ليست هناك تعليقات
عزيزي الزائر .... إذا أعجبك الموضوع لا تبخل علينا بمشاركته عبر أزرار المشاركة الموجودة بالأسفل، ولا تنس أن تترك لنا تعليقا لتبين لنا انطباعك عن الموضوع ومدى استفادتك منه.