احدث المواضيع

آخر الأخبار

كيف نتوب إلى الله توبة نصوحة؟

الطريقة الصحيحة للتوبة

  • الحمد لله، الملك المعبود، ذي العطاء والمن والجود، غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل: (وَالذينَ إِذاَ فَعلوا فَاحِشةً أَو ظلموا أَنفسَهم ذَكروا الله فاستغفروا لِذنُوبهم وَمَن يَغفر الذنُوبَ إلا الله وَلم يُصروا عَلى مَا فعلوا وَهم يَعلمون)، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب المقام المحمود والحوض المورود القائل: "يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة" أما بعد: أيها الأحبة في الله مقالنا اليوم عن التوبة.
ما هي شروط التوبة ؟
    

  • أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله ومراقبته بالليل والنهار، واعلموا أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأسأل الله بمنهِ وكرمهِ أن يوفقني وإياكم لكل خير، وأن يجعلنا هُداة مُهتدين، صالحين ومصلحين، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولكل مسلم ومسلمة من الأحياء والأموات، أنه سميع مجيب الدعوات.

 إخوة الإسلام والإيمان ..

ماذا بعد الشباب إلا الهرم ؟!

ماذا بعد الصحة إلا السقم ؟!

وماذا بعد الحياة إلا الموت ؟!

إن مرض القلوب من الذنوب، 

وأصل العافية أن تتوب.


الرجوع إلى الله

  • التوبة وما أدراكم ما التوبة، التوبة باب الأمل، التوبة بابٌ مفتوح، قال تعالى: (نبئ عِبادي أني أنا الغفورُ الرحِيم) سبحانه، ولا تُقال إلا لهُ، سبحانه الغفور الرحيم، من أعظم منه جودا والخلق له عاصون ؟! يراقبهم ويرزقهم ويحفظهم كأنهم لم يعصوه.


من ذا الذي دعاه فلم يُجبه؟

من ذا الذي سأله فلم يُعطه؟

من ذا الذي استعان به فلم يعنه؟


  • هو الفضل ومنه الفضل، وهو الكريم منه الكرم، ومن كرمه أن أجاب السائلين، وغفر للعاصين، وأحب التوابين والمتطهرين. التوبة وهي أن يقف العبد المذنب المقصرن وكلنا مقصرون .. يقف  العبد التائب أمام ربه مُنكسراً ذليلا خاشع  الجوارح ويقول ربي : ليس لي ربٌ سواك يقبل توبتي، من يغفر لي إن لم تغفر لي ؟! من يرحمني إن لم ترحمني ؟! من يتولني إن لم تتولى أمري؟!


ما هي التوبة؟

  • التوبة في اللغة وهي الرجوع، أي أن يرجع الإنسان مما كان عليه مما يعصي به ربه سبحانه وتعالى، فالتوبة هي الإقلاع التام عن الخطأ والرجوع عنه مع الاعتراف بالتقصير وبالذنب، والتوبة لها شروط ذكرها أهل العلم، وينبغي لكل منا أن يحفظها حفظا، وأن يسترجعها ويذكرها كلما جلس مع زوجته وأولاده وأحبائه.
  •  فاحرص يا عبد الله أن تكون من الذين يجددون التوبة ليل نهار لأنك لا تعلم متى يُختم أجلك ؟! لأن الموت يأتي بغتة قال تعالى : (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" .. وإذا أمعنا النظر وتأملنا في كلمة  تواب سنجدها صيغة مبالغة للفعل تاب، أي كثير العودة والرجوع عن الذنوب، يتوب إلى الله في كل وقتٍ وحين، فالإنسان مخلوقًا ضعيفًا، يقع في مواطن الشبهات والخطايا حينا بعد حين، فمن أشرقت بدايته، أضاءت بحسن الخاتمة نهايته.



لماذا نتوب؟

  • نتوب .. لأن الله أمرنا بذلك، قال تعالى : (وَتُوبوا إلى اللهِ جَميعَا أيهَا المؤمنون لعلكم تفرحون), نتوب .. لأن ميزان أعمال كل فرد سيُنصب أمام عينيه يوم القيامة فتوضع الحسنات في كفة، والسيئات في كفة، ولا ترجح الحسنات إلا بالتوبة النصوح التي تمحو السيئات . نتوب .. لأن الله يحب التوابين ويحب الأوابين ويحب الله المستغفرين. نتوب حتى يفرح الله سبحانه وتعالى، وتسعد الملائكة، قال تعالى : (وَمَن لَم يَتب فَأولئك هم الظالمون).


  • من منا من لا يعرف قصة تلك المرأة التي زنت، وغفلت عن رقابة الله للحظات، لكم سرعان ما أدركت قبح الجريمة التي فعلتها بسبب إيمانها وخوفها من الله عز وجل، فلم تتب بينها وبين ربها، ولكنها ذهبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أصبت حداً فطهرني، فينصرف عنها النبي صلى الله عليه وسلم يُمنة ويُسرة ويردها، وفي الغد تأتي وتقول : لِمَ تردني يا رسول الله، لعلك تردني كما رددت ماعزاً، فوالله إني لحُبلى من الزنا .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها : "اذهبي حتى تلدي" .. تمضي الشهور والأيام  .. وتأتي بالصبي بعد أن وضعته في خرقة تتعجل أمرها قائلة: يا رسول الله ها قد ولدته، فطهرني، فقال لها: "اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه"، فلما فطمته أتت به وفي يده كِسرة خبز دليلاً لها بإنهاء رضاعته وفطامه وقالت : قد فطمته يا رسول الله وأكل الطعام. فدفع صلى الله عليه وسلم الصبي إلى رجلٍ من المسلمين، ثم أمر بها فَحُفِرَ لها حفرة إلى صدرها وأمر بها فَرُجمت، فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فينضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه إياها، فقال : "مهلا يا خالد، فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو وُزعت على أهل المدينة لكفتهم"، فصلى عليها النبي الكريم ودعا لها.


  • عباد الله، وحدوا الله، وصلوا على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسئ الليل، كما أن التوبة ليست لأصحاب الفواحش والمنكرات فقط، وإنما التوبة لكل مؤمن، إن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا نزولا يليق بجلاله كل ليلة، فيقول: هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من صاحب حاجة فأقضيها له ؟ هل من مستغفر فأغفر له؟



شروط التوبة النصوح

  • قال سادتنا العلماء : التوبة واجبة من كل ذنب، ولازمة لجميع المؤمنين في كل الأحوال وكل الزمان وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالتوبة، فإن كانت المعصية بين العبد وربه، أي لا تتعلق بحق العباد فلها ثلاثة شروط، الشرط الأول: الإقلاع عن المعصية فورا، والثاني : الندم على فعلها، أما الشرط الثالث: العزم على عدم العودة للمعصية أبداً، وإن فقد شرط من الشروط الثلاثة لم تصح توبته.


  • عباد الله .. لابد أن يكون الإقلاع عن المعصية والندم عليها من أجل الله سبحانه وتعالى، أي حُبا في الله، وخشية من عقابه، فمن ترك الزنى لإصابته بمرضٍ ما، أو خشي على نفسه الإصابة بأي مرض من الأمراض التناسلية وأقلع عن الزنى، لم يكن فعله ذلك توبة خالصة لوجه الله، كمن أقلع عن شرب الخمر، لأن الطبيب المعالج حذره من شربها، وأنها حتما ستودي بصحته للهلاك فتركها من أجل ذلك، فما هو بتائب، ولم يدخل في زمرة التائبين، وكذلك من أقلع عن شرب المخدرات أو الإتجار بها أو ما شابه ذلك خوفا من مداهمة الشرطة له ومن عقوبة القانون المنتظرة، أو لأنه أفلس وضاعت تجارته وثروته الحرام لم يكن تائبًا، ولا إقلاعه عن تلك المعاصي توبة، وإنما التوبة لمن راجع نفسه وتذكر آخرته و ترك المعاصي خشية من الله وطمعا في عفوه ومغفرته وسعة حلمه، ورجاء كرمه سبحانه وتعالى، وأن لا ملجأ من الله إلا إليه، ولا معونة على طاعته إلا بتوفيقه فهذا من تمام التوبة فالتوبة النصوح هي أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر منه إذا ذكره.


  • أما إذا كانت المعصية تتعلق بأحد العباد فشروط توبتها خمسة: الشروط الثلاثة السابقة مُضاف إليهم أن يبرأ صاحب الذنب من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو ما شابه ذلك رده إليه، وإن كانت غير ذلك طلب منه العفو مع التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، والشرط الخامس: أن لا تكون قبل فوات قبولها إما بالموت، أو بطلوع الشمس من مغربها كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى: (وَتُوبوا إِلَى اللهِ جَميعاً أيُها المُؤمِنُونَ لَعَلكم تُفلِحون) وقال تعالى: (وَأن استغفروا رَبكم ثُم تُوبوا إِليهِ).

       

كيف أتخلص من تكرار المعصية؟

  • تكرار الذنب والوقوع المتكرر فيه مع العلم أنها معصية ولا يستغفر العبد ربه ولا يتوب، فهذا هو الإصرار على المعصية وهو علامة على ضعف الإيمان، فالإصرار هو الاستقرار على المخالفة و الإقامة على فعل الذنب أو المعصية والمداومة عليه، وللتخلص من تلك العادة السيئة .. الحرص على معرفة أسباب المعصية وإزالتها من القلب حتى تكون التوبة صحيحة، التقرب إلى الله بكثرة الإستغفار وقراءة القرآن والصحبة الصالحة، واجتناب أهل الفساد والأحوال التي كان عليها العاصي، والمواظبة على قيام الليل فإنه شرف المؤمن، كما أن الله سبحانه وتعالى ينزل نزولا يليق به إلى سماء الدنيا ليجيب دعوة المضطر إذا دعاه، وننبه بأن يخرج المرء من دائرة التلاعب، أي يُذنب ويتوب، يُذنب ويتوب ... فلابد أن يكون لديه الإصرار التام على ألا يرجع للمعصية وغضب الله، وأن تكون نيته صادقة وليست مجرد كلام.


قبول التوبة

  • إذا تاب العبد فالله سبحانه وتعالى له الحكم، وإليه يرجع الأمر كله، إن شاء قبل التوبة، وإن شاء لم يقبلها، كما أن ليس قبول التوبة واجبا على الله فالحق سبحانه وتعالى عما يصفون خالق الخلق ومالكهم، فلا يصح أن يوصف بوجوب شيء عليه، غير أنه أخبرنا ومن أصدق من الله حديثا بأنه يقبل التوبة عن العاصين من عباده، قال تعالى (وهو يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات)، وقوله ( وإني لغفار لمن تاب).



هل للتوبة من علامات؟

  • من علامات قبول التوبة، الاستقامة على الحق والسير على المنهج القويم، واستحداث بعد التوبة أعمالا صالحة لم تكن له قبل ذلك، طُمأنية القلب والتلذذ بحلاوة الأمان و الإيمان، الشعور بالإنكسار بين يدي الله سبحانه وتعالى فيصبح العبد خاشعا لله يرجو رحمته ومحبة رسوله، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم.


  • وختاما لمقالنا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد صلاة تحل بها عقدتنا وتفرج بها كربتنا، وتمحو بها خطيئتنا، وتقضي بها حاجتنا، نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه، تُبنا إلى الله، وندمنا على ما فعلنا، وعزمنا على أننا لا نعود إلى المعاصي أبدا، وبرئنا من كل دين يُخالف دين الإسلام، ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا ً رسول الله، والله على ما نقول وكيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين  وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



ليست هناك تعليقات

عزيزي الزائر .... إذا أعجبك الموضوع لا تبخل علينا بمشاركته عبر أزرار المشاركة الموجودة بالأسفل، ولا تنس أن تترك لنا تعليقا لتبين لنا انطباعك عن الموضوع ومدى استفادتك منه.