سكرات الموت وعلامات حُسن الخاتمة: لماذا سُمي الموت مصيبة؟
الفرار من الموت
الحمد لله الذي أذل بالموت رقاب الجبابرة، وأنهى بالموت آمال القياصرة، فنقلهم الموت من سعة القصور إلى ضيق اللحود، ومن ملاعبة الجواري والنساء والغلمان إلى مقاساة الهوام والديدان، ومن التنعم في ألوان الطعام والشراب إلى التمرغ في الوحل والتراب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ينادي ربنا سبحانه وتعالى يوم القيامة بعد فناء خلقه ويقول: أنا الملك، أنا الجبار، أنا المتكبر، لمن الملك اليوم؟ ثم يجيب على ذاته سبحانه وتعالى " لله الواحد القهار ". فسبحان ذي العزة والجبروت، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان من كتب الفناء على جميع الخلائق ولا يموت، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة، وكشف الله به الغُمة
كيف الفرار من الموت؟
الحذر لا يغني من القدر، كذلك فالفرار من الجهاد في سبيل الله خشية القتل، أو الفرار من الطاعون خوفا من الموت ولو كان في بروج مُشيدة وفي حراسة مشددة خشية الموت فإنه مُلاقيه ولا فرار من قدر الله، فالفرار من الموت مستحيل! ويؤول إلى الفرار إليه وحقت كلمة ربكم، " قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل ". كما أن الأسباب لا تنفع مع قضاء الله وقدره، و من تمام قُدرة الله سبحانه وتعالى إماتة الحي وإحياء الميت، فهل يفر أحدا من الموت؟
هل الموت مصيبة؟
وبما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم؟
مما لاشك أن الموت مصيبة تحل بالإنسان لقول الله عز وجل: " فأصبتكم مصيبة الموت "، فالموت يقطع اللذات المحسوسة من زخرفة الحياة الدنيا، ومعنى مصيبة الموت أي أنها مصيبة للأحياء لا للمتوفي، فالموت مصيبة على أهل الميت وأحبابه لفقدهم الأب والأم، الأخ والأخت، الزوج والزوجة، والمتوفى على الإيمان ليس في مصيبة، فقد انتقل من ضيق الدنيا إلى سعة الله ورحمته سبحانه وتعالى. لذلك نقول على من مات أنه انتقل إلى رحمة الله والموت مصيبة لمن مات على الكفر، ومن مات على ترك الصلاة أو على عقوق الوالدين ، وكذلك من مات على الزنا وشرب الخمر، وأكل أموال الناس بالباطل، وكل مصيبة تبدأ صغيرة إلا مصيبة الموت، تبدأ كبيرة ثم تصغر تدريجيا مع مرور الوقت وهذا من رحمة الله بنا.
أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم قائلا
" اكثروا من ذكر هاذم اللذات ". وفي لفظ " هادم اللذات أو هاذم اللذات أو هازم اللذات " الهادم من الهدم و الهاذم أي القاطع، والهازم وهو القاهر الغالب المنتصر والإكثار من ذكر الموت يُضعف تعلق العبد بهذه الدنيا الفانية، ويزهده فيها ويُرغبه في الآخرة، كما يدفع الإنسان للطاعة وعمل الخير،
والموت دليل على حقارة الدنيا وقصر عمرها! فقد بين الله عز وجل لنا الغاية التي من أجلها خلقنا الله
علامات الموت!
وهل للموت علامات؟
يعتقد البعض أن للموت علامات تأتي قبله فتدل عليه، والحقيقة أن الموت يحصد الكل أطفالا وشبابا وشيوخا! فالموت يأتي بغتة، يخطف في لحظة، لا يرسل إشارة فينذر ولا يطرق بابا فيستأذن، لا يرحم صغيرا ولا يوقر كبيرا، ولا يستجيب لنداء ملهوف، ولا لحسرة مفارق، ولا لخوف خائف، ولا للوعة أم، أو شفقة أب، فمن حان أجله وانقضى عمره، وجاءت ساعته، فلن يتأخر برهة ولو اجتمع عليه أطباء الدنيا كلها.
عندما دفن سيدنا موسى أخاه هارون عليهما السلام، ذكر مفارقته له وظُلمة القبر فأدركته الشفقة فبكى رحمة و حزنا عليه، فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه: يا موسى لو أذنت لأهل القبور أن يُخبروك بلطفي بهم لأخبروك! يا موسى لم أنساهم وهم على الأرض أحياء مرزوقين ! أفأنساهم في باطن الأرض مقبورين! يا موسى إذا مات العبد لم أنظر إلى كثرة معاصيه ولكن أنظر إلى وحشته وغربته وقلة حيلته!!
انتبه! فالموت قادم
تزود من التقوى فإنك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من عروسٍ زينوها لزوجها
وقد قُبضت أرواحهم ليلة القدر
وكم من صغار يرتجى طول عُمرهم
وقد أُدخلت أرواحهم ظُلمة القبر
وكم من صحيح مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا
وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم ساكنٍ عند الصباح بقصره
وعند المساء قد كان من ساكن القبر.
ما هي سكرات الموت؟
وأعلم يرحمك الله أن للموت سكرات وزفرات كما أخبرنا حبيبنا النبي صلى الله عليه وسلم، ففي لحظة الموت يُعاين المرء
وشدَّةُ الموتِ وسكراتِه ليستْ بالضَّرورةِ دليلًا على العذابِ أو سوءِ الخاتمةِ؛ يُوضِّحُ هذا ما في الحديثِ، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "المؤمنُ يموتُ بعرَقِ الجَبينِ"، قيل: هو عِبارةٌ عن شدَّةِ الموتِ حتَّى يَعرَقَ جَبينُه لِتَمحيصِ ذُنوبِه، أو لزِيادةِ درَجتِه، وقيل: هو علامةُ الخيرِ عندَ الموتِ، وقيل: هو كنايةٌ عن كَدِّ المؤمنِ في طلَبِ الحلالِ وتَضييقِه على نفسِه بالصَّومِ والصَّلاةِ حتَّى يَلْقى اللهَ تعالى، وقيل: يَعرَقُ جَبينُه حياءً بما جاءه مِن البُشْرى به عندَ موتِه، والجبينُ: الجبهةُ ومُقدَّمُ الرَّأسِ.
وقد روَى أحمدُ وابنُ ماجه والترمذيُّ وغيرُهم عن سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِي اللهُ عَنْه، قال: "سُئل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: أيُّ النَّاسِ أشدُّ بَلاءً؟ قال: الأنبياءُ ثمَّ الأمثَلُ فالأمثلُ، يُبتَلى الرَّجلُ على حسَبِ دينِه، فإنْ كان صُلبًا في دينِه اشتدَّ بَلاؤُه، وإن كان في دينِه رِقَّةٌ هُوِّن عليه".
من أراد واعظا فالموت يكفيه
لذلك حري على المسلم أن يستعد للموت بالأعمال الصالحة، وأن يتزود من التقوى، وأن يسارع بالتوبة إلى الله من كل ذنب. عندما نام هارون الرشيد على فراش الموت نظر إلى مُلكه وماله ثم قال: " ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه "، وصدق الله العظيم إذ يقول: "كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راقٍ وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق"، كلا إذا بلغت التراقي، أي إذا بلغت الروح الحلقوم، وقيل من راق: من ذا الذي يرقيه؟ من الذي يأتي له بالدواء فيحول بينه وبين الموت؟ إذا نظرنا إلى من يموت فسنجده وقد أصفر وجهه، وشحب لونه، وبردت أطرافه
فالمؤمن حين تخرج روحه، لا يجد تعبا ولا ألما وتتنزل عليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة، ويجلس منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت عليه السلام ويجلس عند رأسه ويقول: أيتها النفس الطيبة، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها، ويجعلها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منه كأطيب نفحة مسك وُجدت على الأرض .. وحين ينظر المرء الغافل وهو على فراش الموت إلى أهله فيراهم مرة يبتعدون ومرة يقتربون، ويرى الغرفة التي هو فيها تضيق مرة فتصير كثقب إبرة ومرة يراها كالفضاء الموحش، وإذا وعي من حوله وعرفهم في الصحوات ما بين السكرات، نظر إليهم باستعطاف ويقول بلسان حاله: يا أحبائي يا أبنائي لا تتركوني وحدي وأفدوني بأعماركم من منكم يزيد في عمري ساعتين أو ساعة؟
علامات حُسن الخاتمة
ما هي علامات حُسن الخاتمة؟
حُسن الخاتمة يُراد به توفيق الله سبحانه وتعالى لعبده بأن يعمل صالحًا، وأن ييسر له الدوام على ذلك حتى يقبضه على هذه الحالة، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن الله تعالى إذا أراد بعبدٍ خيرًا استعمله "، فقيل: وكيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال: " يوفقه لعمل صالح قبل الموت " . ومن علامات حُسن الخاتمة التوفيق للعمل الصالح قبل الموت كالنطق بالشهادة، والموت بعرق الجبين، والموت يوم الجمعة أو ليلتها، والموت في شهر رمضان، والموت يوم عرفة، والموت في الأماكن المُقدسة، والاستشهاد في ساحة القتال.
الأعمال بالخواتيم
فيا أيها الصالحون
أبو نواس شاعر عربي (شاعر العراق في عصره) وهو من أشهر شُعراء الدولة العباسية، نشأ في البصرة ثم انتقل إلى بغداد، واتصل ب هارون الرشيد، كان مشهورَا بالفسق والمجون وشرب الخمر، حتى لُقب بشاعر الخمر، هذا بجانب علمه ودراسته للفقه والحديث وعلوم التفسير، حتى قال الإمام الشافعي عنه : " لولا مجون أبو نواس لأخذت عنه العلم " فأبو نواس عاش تناقضات عجيبة ! وهذه أبياتٌ مِن شِعرِه.
دعِ المساجدَ للعُبّادِ تسكُنُها
وَطُف بنا حول خَمَّار لِيسقينا
ما قال ربُكَ ويلٌ للذين سكروا
ولكنّه قال ويلٌ للمُصلّينَا.
فأراد الخليفة هارون الرّشيد ضرب عنقه، بسبب شِعرِهالماجن، عندها قال: "يا أمير المؤمنين الشُّعراء يقولون ما لا يفعلون ". فعفا الخليفةُ عنه بعد أن حبسه، ولمّا مات لم يُرِد الإمام الشافعيّ رحمه الله أن يُصلِّيَ عليه، ولكن كانت المفاجأة ، فعند تغسليه وجدوا في جيبِه هذه الأبيات.
يا رب إن عظُمت ذُنُوبي كَثرةً
فلقد علمتُ بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا مُحسِنٌ
فبمن يلوذُ ويستَجِيرُ المُجرِمُ!
أدعوك ربي كما أمرت تَضرُّعًا
فإذا رَدَدت يدي فمن ذَا يَرحمُ!
مالي إليك وسيلةٌ إلا الرَّجَا
وجَميلُ عَطفِكَ ثم إنِّي مُسلِمُ.
فلمّا قرأها الإمام الشافعي بكى بكاءً شديدا وقام للصلاة عليه وجميع من حضر من المسلمين.
قصيدة ليس الغريب مكتوبة كاملة لزين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم
لَيْسَ الغَرِيبُ غَرِيبَ الشَّامِ وَاليَمَنِ
إِِنَّ الغَرِيبَ غَريبُ اللَّحْدِ وَالكَفَنِ
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتِهِ
عَلَى المُقيمينَ في الأَوْطانِ وَالسَّكَنِ
لا تَنْهَرَنَّ غَريبًا حالَ غُرْبَتِهِ
الدَّهْرُ يَنْهَرَهُ بِالذُّلِ وَالمِحَنِ
سَفْرِي بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَني
وَقُوَّتي ضَعُفَتْ وَالمَوْتُ يَطْلُبُني
وَلي بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها
اللهُ يَعْلَمُها في السِّرِّ وَالعَلَنِ
ما أَحْلَمَ اللهَ عَنّي حَيْثُ أَمْهَلَني
وَقَدْ تَمادَيْتُ في ذَنْبي وَيَسْتُرُني
تَمُرُّ ساعاتُ أَيّامي بِلا نَدَمٍ
وَلا بُكاءٍ وَلا خَوْفٍ وَلا حَزَنِ
أَنا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِدًا
عَلَى المَعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُني
يَا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَـتْ
يا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدُبُها
وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيرِ وَالحَزَنِ
دَعْ عَنْكَ عَذْلِيَ يَا مَنْ كانَ يَعْذُلُني
لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ ما بِي كُنْتَ تَعْذِرُنِي
دَعْنِي أَسُحُّ دُموعًا لا انْقِطاعَ لَها
فَهَلْ عَسَى عَبْرَةٌ مِنْهَا تُخَلِّصُني
كَأَنَّنِي بَينَ جل الأَهلِ مُنطَرِحاً
عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُني
وَ قَدْ تَجَمَّعَ حَوْلي مَنْ يَنوحُ و مَنْ
يَبْكي عَلَيَّ و يَنْعاني و يَنْدُبُني
وَ قَدْ أَتَوْا بِطَبيبٍ كَيْ يُعالِجَني
وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هذا اليومَ يَنْفَعُني
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها
مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها
وصارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا
بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ
وَقامَ مَنْ كانَ حِبُّ النّاسِ في عَجَلٍ
نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتيني يُغَسِّلُني
وَقالَ يا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً
حُراً أَديبًا أَريباً عَارِفاً فَطِنِ
فَجاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني
مِنَ الثِّيابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحاً
وَصارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يُنْظِفُني
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني
غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ
وَأَلْبَسُوني ثِياباً لا كِمامَ لها
وَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَني
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيا فَوا أَسَفاً
عَلى رَحِيلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُني
وَحَمَّلوني على الأْكتافِ أَربَعَةٌ
مِنَ الرِّجالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا
خَلْفَ الإِمامِ فَصَلَّى ثُمَّ وَدَّعَني
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لها
ولا سُجودَ لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُني
وَأَنْزَلوني إلى قَبري على مَهَلٍ
وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهم يُلَحِّدُني
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني
وَأَسْكب الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِماً بِالعَزْمِ مُشْتَمِلاً
وَصَفَّفَ اللَّبْنَ مِنْ فَوْقِي وفارَقَني
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا
حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هناك ولا
أَبٌ شَفيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُني
فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يا أَسَفاً
عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُني
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ
مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ ما أَقولُ لهم
قَدْ هالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهمُ
مَالِي سِوَاكَ إِلهي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يا أَمَلي
فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا
وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لها بَدَلي
وَحَكَّمَتْهُ على الأَمْوَالِ والسَّكَنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَه
وَصَارَ مَالي لهم حلاً بِلا ثَمَنِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيا وَزِينَتُها
وانْظُرْ إلى فِعْلِها بالأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها
هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
خُذِ القَناعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها
لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
يَا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً
يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي
فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً
عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
والحمدُ لله مُمسينَـا وَمُصْبِحِنَ
مَا وَضَّأ البَرْقُ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختارِ سَيِّدِنا
بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ.
الدعاء للميت
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له الثبات، فإنه الآن يُسأل، اللهم ارحم الأنفس الطيبة التي انتقلت إلى جوارك، اللهم ارحم من ضمه التراب، واشف من أنهكه الوجع، وأغث من أثقله الهم، واهد من غرته الدنيا، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من خطاياهم كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم وسع لهم في قبورهم مد أبصارهم، وافرش قبورهم من فراش الجنة، اللهم آنسهم في وحدتهم، وفي وحشتهم وفي غربتهم، اللهم أنزلهم منزلا مباركا وأنت خير المنزلين، اللهم اغفر لحينا، وميتنا، وشاهدنا، وغائبنا، وصغيرنا، وكبيرنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، اللهم أحسن خاتمتنا في الأمور كلها، واجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
لطفا منك شارك المقال لتعم الفائدة.


ليست هناك تعليقات
عزيزي الزائر .... إذا أعجبك الموضوع لا تبخل علينا بمشاركته عبر أزرار المشاركة الموجودة بالأسفل، ولا تنس أن تترك لنا تعليقا لتبين لنا انطباعك عن الموضوع ومدى استفادتك منه.